نيشان الآن
مراد العطشان
يشهد سور مراكش التاريخي، أحد أهم معالم المدينة الحمراء، تدخلات ترميم عشوائية لا تتماشى مع المعايير التقنية والقوانين الجاري بها العمل. هذه الأشغال، التي تُباشر أحياناً دون رقابة كافية، أثارت استياء فعاليات المجتمع المهتمة بالحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي للمدينة، لما تتسبب فيه من طمس للهوية المعمارية وتشويه لهذه المعلمة التاريخية.
وفقاً للقانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، يجب على الجهات القائمة على مشاريع البناء أو الترميم الالتزام بضوابط تقنية صارمة لضمان سلامة المارة وتأمين المواقع. المادة 54-1 من هذا القانون تنص على ضرورة وضع حواجز وسياجات حول مواقع الأشغال، وتوفير لوحات تعريفية بالمشروع، لضمان الشفافية والأمان.
مع ذلك، فإن الأشغال التي تباشرها بعض الشركات على السور، سواء تلك المكلفة من طرف المجلس الجماعي لمراكش أو المديرية الجهوية للثقافة، تُنفذ بطرق تفتقر للتخطيط والتنظيم، كما هو الحال في ورش ترميم السور الخارجي لثانوية محمد الخامس قرب باب أغمات. هذا الورش، الذي بدأ بعد الأضرار الناتجة عن الزلزال الأخير، شهد استخدام مواد غير مناسبة وغياب معايير السلامة، مثل وضع الحواجز أو إشراف مختبرات متخصصة على جودة المواد.
على مر التاريخ، صمد سور مراكش بفضل الترميم التقليدي باستخدام مواد مثل الجير والتراب، ما حافظ على لونه الترابي المتناغم مع هوية المدينة. إلا أن التدخلات الحديثة حولت أجزاء من السور إلى “رقع مبرقعة” غير متناسقة، بخلطات من مواد بناء حديثة لا تحترم الطابع التقليدي للسور.
وتشير تقارير محلية إلى أن أجزاء كبيرة من السور أصبحت تُستخدم كمطارح للنفايات والتبول العشوائي، مع غياب الرقابة المستمرة، مما يزيد من معاناة هذه المعلمة التاريخية.
من أبرز الانتقادات التي وجهت لإدارة “العمران”، المسؤولة عن إعادة بناء السور الخارجي لثانوية محمد الخامس، هو تنفيذ المشروع دون المرور بالمساطر القانونية، بما فيها غياب دفتر التحملات وإجراءات طلب العروض، وغياب لوحة تعريفية بالمشروع. علاوة على ذلك، أظهرت الأشغال السابقة على السور فشلاً ذريعاً، حيث انهارت قبل تسليمها النهائي بسبب ضعف التماسك بين المواد القديمة والجديدة. هذه الممارسات أثارت مطالب بفتح تحقيق في التجاوزات وإهدار المال العام.
في ظل هذا الوضع، دعت فعاليات محلية المسؤولين، إلى التدخل لوقف هذه العشوائية وضمان احترام الضوابط التقنية والقانونية في ورش الترميم، مع تشديد الرقابة على جودة المواد المستخدمة وإجراءات السلامة. كما طالبت بإعادة النظر في طريقة إدارة مشاريع الترميم لتجنب طمس الهوية المعمارية وتشويه الموروث الثقافي للمدينة.
الحفاظ على سور مراكش ليس مجرد التزام قانوني، بل مسؤولية ثقافية ووطنية، تحتم على جميع المتدخلين العمل بجدية وشفافية لضمان بقاء هذا الإرث التاريخي رمزاً لصمود المدينة عبر العصور.
نيشان الآن