دولة الكابرانات في بحث عن أب شرعي… كيان خرج بين أحضان العثمانيين بعد ليلة حمراء في قسنطينة

نيشان الآن – مراد العطشان
عندما قال المغفور له الحسن الثاني “ليعلم الناس مع من حشرنا الله في الجوار”، لم يكن يتحدث عن جيران عاديين، بل عن نظام بائس يبحث عن هوية ضائعة بين أنقاض العثمانيين وفتات الاستعمار الفرنسي. واليوم، وبعدما يئس العسكر من اختلاق بطولات سياسية وهمية، ها هم يعودون مجددا إلى لعبة تزوير التاريخ، وهذه المرة، يريدون أن يقنعوا العالم بأن الزليج المغربي العريق هو إرث عثماني ظهر في قسنطينة بعد ليلة دافئة بين العسكر التركي والبايات الجزائريين.
إذا كان الزليج عثمانيا كما يدّعي الكابرانات، فالسؤال البديهي هو: أين هو في إسطنبول؟ أين هو في قصر توبكابي؟ لماذا لم يظهر في الجامع الأزرق؟ ولماذا لم يعتمده السلاطين العثمانيون في قصورهم؟ هل نسي الأتراك هذا الفن وتركوه فقط لأحفادهم في قسنطينة؟ أم أن الجزائر فجأة قررت منحهم هدية بأثر رجعي؟
الحقيقة هي أن العثمانيين كانوا مشغولين بجمع الضرائب ونهب الثروات وليس بإبداع الفنون. في حين أن الزليج المغربي تطور في فاس ومكناس ومراكش قبل أن يصل إلى غرناطة، وقبل أن يحلم أي عثماني بوضع قدمه في شمال إفريقيا. فكيف أصبح فجأة عثمانيا؟
بعدما تلقى الكابرانات الضربة القاضية دبلوماسيا في ملف الصحراء المغربية، وبعدما بدأ العالم يعترف بمغربية الأقاليم الجنوبية، قرروا أن يبحثوا عن معركة أخرى يستطيعون تزويرها. ولأنهم فشلوا في السياسة، لم يبق لهم سوى نهب التراث المغربي ومحاولة لصقه بتاريخهم المزور.
لكن المشكل أنهم حتى وهم يسرقون، يسرقون بشكل غبي! هل يعقل أن تظهر الجزائر فجأة بعد 60 سنة من استقلالها وتقول للعالم: “آه صحيح، الزليج كان عندنا منذ العهد العثماني!”؟ وأين كنتم طوال العقود الماضية؟ لماذا لم تتحدثوا عن هذا التراث إلا بعدما أصبح المغرب يحقق نجاحات عالمية بصناعته التقليدية؟
الكابرانات لم يجدوا لهم نسبا واضحا، فقرروا أن يخلقوا لأنفسهم أبا عثمانيا من العدم. اليوم الزليج عثماني، وغدا القفطان سيصبح من صنع الدايات، وبعد غد الطاجين سيصبح “اختراعا” للباي حسن! لكن لماذا لم يترك العثمانيون أيا من هذا التراث في تونس وليبيا، حيث حكموا لعقود طويلة؟ ولماذا لم تظهر ورشات الزليج “العثماني” في الجزائر إلا بعدما بدأ المغرب في تصدير هذا الفن إلى العالم؟
الجواب بسيط لأن الجزائر لم تكن يوما دولة حضارية، بل كانت مجرد ثكنة عسكرية للعثمانيين، ثم مستعمرة فرنسية، ثم مزرعة للجنرالات. لا تاريخ، لا هوية، لا ثقافة، فقط السرقة والتزوير والمظلومية المصطنعة.
ما قاله صاحب الجلالة محمد السادس يلخص كل شيء: “هناك عالم آخر منفصل عن الواقع، ما زال يعيش على الأوهام!” والجزائر هي هذا العالم. الكابرانات يظنون أن الأكاذيب تصنع التاريخ، وأن تزوير الكتب كاف لجعلهم أمة ذات هوية. لكن مهما حاولوا، سيظل العالم يعرف الحقيقة.
أما الجزائر، فهي مجرد كيان لقيط، نشأ في أحضان العثمانيين واستُعبد من الفرنسيين، ولا يزال حتى اليوم يبحث عن نسبه بين أرشيف إسطنبول ودفاتر باريس، لكنه نسي أن التاريخ لا يكتب بالأكاذيب، بل يحفر في ذاكرة الأمم العظيمة… والمغرب هو أمة عظيمة، أما الجزائر، فهي مجرد كذبة استعمارية تأخرت 60 عاما عن الاعتراف بأنها لا شيء.
نيشان الآن

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد