نيشان الآن
في وقت كان يُفترض فيه أن يُشكّل تنظيم معرض “جيتيكس إفريقيا” بالمغرب لحظة فخر وطنية وإشعاعًا عالميًا، تحوّلت المناسبة إلى مرآة عاكسة لواقع البنية التحتية المهترئة بمدينة مراكش، وكشفت عن اختلالات صارخة تُنذر بالفشل في الاستحقاقات الكبرى القادمة، وعلى رأسها احتضان مباريات كأس أمم إفريقيا.
منذ انطلاق فعاليات المعرض، عرفت المدينة الحمراء اختناقًا مروريًا خانقًا، إشارات المرور تعطلت في لحظات حرجة، مخلفة فوضى عارمة وسط الشوارع الرئيسية، بينما وقفت الجهات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي عاجزة عن احتواء الوضع، مكتفية بمراقبة المشهد من خلف المكاتب المكيفة.
ولعل ما يزيد من تعرية واقع المدينة هو ما شهدته مراكش عقب التساقطات المطرية الأخيرة، حيث غرقت عدد من الشوارع في المياه وتحولت بعض الأحياء إلى برك مائية بسبب غياب قنوات صرف فعّالة. من غير المعقول أن تتحول أمطار موسمية، لا ترقى إلى مستوى “عاصفة”، إلى كارثة صغيرة تفضح البنية التحتية المتقادمة وسوء تدبير المرافق العمومية. أين هي الاستعدادات؟ أين هي الخطط الاستباقية؟ أم أن المدينة تنتظر الكارثة لتتحرك؟
من بين الحلول التي لطالما تغنّى بها المجلس الجماعي كـ”الحل السحري” لاختناق المدينة، نجد مشروع الممرات التحت أرضية. هذا المشروع الذي ظلّ حبرًا على ورق، لم يُرَ له أثر على أرض الواقع، لا لشيء سوى لسوء التدبير والتسيير، وانعدام الرؤية الاستراتيجية. النتيجة: مدينة تتخبط في عشوائية المرور وتئن تحت وطأة البنى التحتية المتآكلة.
مع توافد الزوار والمشاركين من مختلف دول العالم، تفاقمت أزمة ركن السيارات، وتحولت إلى فرصة ذهبية لبعض حراس السيارات لابتزاز المواطنين والزوار على حد سواء. تسعيرات خيالية فُرضت بعشوائية، وسط صمت الشرطة الادارية، وكأن الأمر لا يعنيها. فمن غير المقبول أن تظل شوارع المدينة تحت رحمة “مافيا” الحراسة في ظل مناسبات دولية بهذا الحجم.
إذا كان “جيتيكس إفريقيا” قد كشف هذه العيوب البنيوية الجسيمة، فماذا عن كأس أمم إفريقيا الذي سيعرف توافدًا أكبر، وحضورًا جماهيريًا غير مسبوق؟ الجواب واضح: مراكش، في وضعها الحالي، غير مؤهلة. الإصلاحات الترقيعية، وغياب التنسيق بين المصالح، واستغلال المناسبات لتمرير “الوجه المزيف” للمدينة، كلّها عوامل تُنذر بكارثة تنظيمية إذا استمر الحال على ما هو عليه.
ما حدث خلال “جيتيكس” ليس مجرد زلة عابرة، بل إنذار حقيقي. إنذار يجب أن يُترجم إلى محاسبة، ومشاريع ملموسة، لا إلى مزيد من الشعارات. فالعالم يراقب، والفرصة لا تتكرر
نيشان الآن