نيشان الآن
عصام السبادي.. صحفي
شهدت محطات الوقود في المغرب، يوم الأربعاء، انخفاضاً طفيفاً في أسعار المحروقات، لا يتجاوز 20 سنتيماً للتر الواحد من البنزين والغازوال. وبينما قد تُسوّق هذه التخفيضات على أنها استجابة لتراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية، فإن واقع الأمر يُظهر أنها لا ترقى إطلاقاً إلى مستوى تطلعات المواطنين الذين أنهكتهم الزيادات المتكررة والكبيرة.
منذ قرار الحكومة السابقة في ديسمبر 2015 بتحرير أسعار المحروقات، دخل المغرب في دوامة لا تنتهي من الارتفاعات الصاروخية التي لا تستند إلى منطق السوق بقدر ما تعكس هشاشة القرار السياسي واستسلامه لمصالح لوبيات التوزيع. كان من المفترض أن يفتح هذا القرار الباب أمام التنافسية ويمنح المواطن خيار الاستفادة من تقلبات الأسعار، لكنه تحوّل إلى أداة لاستنزاف جيوب المغاربة ووسيلة لاغتناء شركات بعينها.
ما زاد الطين بلة هو الصمت الحكومي الحالي، وغياب أي موقف حازم تجاه استمرار هذه الممارسات. فبدلاً من تصحيح الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته الحكومة السابقة، اختارت الحكومة الحالية أن تركب على هذا الوضع، مستغلة غياب تسقيف الأسعار، وتترك السوق نهباً للجشع والاحتكار.
وقد أكدت التقارير الرسمية، وعلى رأسها تقرير مجلس المنافسة، أن شركات المحروقات ضاعفت هوامش أرباحها في السنوات الأخيرة، في غياب أي تدخل حقيقي لحماية القدرة الشرائية للمواطن. ففي نوفمبر 2023، تم فرض غرامات تجاوزت 1.8 مليار درهم على تسع شركات كبرى بعد ثبوت تورطها في ممارسات منافية للمنافسة، تتعلق بتنسيق غير مشروع للأسعار. ومع ذلك، فإن هذه الغرامات تبقى قطرة في بحر الأرباح التي حققتها تلك الشركات على مدى سنوات.
المثير للسخرية أن هذه التخفيضات المتواضعة تأتي بعد موجات من الزيادات القاسية التي بلغت في بعض الأحيان درهماً كاملاً أو أكثر في كل تعديل. المواطن المغربي أصبح يلاحظ نمطاً ثابتاً: حين يتعلق الأمر بالرفع، يكون سريعاً ومؤلماً؛ أما في حالات التخفيض، فالتعديل يأتي خجولاً.
نيشان الآن