نيشان الآن
عمر الوزاني
من يتجول في شوارع مدينة مراكش اليوم، سواء كان من أهلها أو من زوارها، لا بد أن يصطدم بسؤال محوري: إلى أين تتجه هذه المدينة؟ هل ما نراه هو تطور عمراني؟ أم عشوائية تغلفها الشعارات وتُخفي خلفها اختلالات تنموية صارخة؟
في مدينة يفترض أنها وجهة سياحية عالمية، لا يجد الراجلون مكانًا آمنًا للعبور أو حتى المشي. الأرصفة، التي هي في الأصل مخصصة للمارة، تحوّلت إلى مواقف غير قانونية للسيارات والدراجات النارية. أما ما تبقى منها، فتقاسمه الحفر والانهيارات وسوء التصميم، كأنها وُضعت لتُعطِّل سير الناس لا لتُيسّره.
ليس من الغريب أن تصادف وسط حيّ سكني، أو حتى على شارع رئيسي، ورشة بناء محاطة بسياج عشوائي يلتهم الرصيف والطريق، دون أي مراعاة لسلامة المارة. لا إشارات تنبيه، لا ممرات بديلة، لا حدّ أدنى من احترام الراجلين… وكأن الإنسان آخر ما يُفكر فيه عند التخطيط أو الإنجاز.
العشوائية لا تقتصر فقط على الأرصفة والممرات، بل تمتد لتطال التشوير الطرقي، تصاميم الفضاءات العمومية، توزيع الإضاءة، وحتى صيانة الحدائق. مدينة حمراء تُضيء وجه المغرب في كُتب التاريخ وصور الانستغرام، لكنها تعاني في الواقع من فوضى عمرانية ومعمارية تُهدد طابعها الحضاري والإنساني.
إن مراكش، التي استقبلت قممًا عالمية ونالت أوسمة دولية، أصبحت اليوم ضحية مفارقة صارخة: مشاريع كبرى بملايير الدراهم من جهة، وتدهور للخدمات اليومية والبنى التحتية من جهة أخرى.
ما الفائدة من تنظيم مؤتمرات دولية، إذا كان السائح يضطر للسير وسط الشارع لغياب الرصيف؟ وما المعنى من “رؤية 2030” إذا كانت أرصفة 2025 لا تصلح حتى للأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة؟
نيشان الآن