نيشان الآن
في هذا المقال المتواضع، سأحاول مقاربة المشهد من خلال ثلاث تساؤلات أعتبرها مفاتيح لفهم ما تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في هذه المرحلة الدقيقة…
هل ترغب إسرائيل في تطبيع العدوان ؟
هل تعمل على إجهاض النووي الإيراني قبل اكتماله ؟
وهل تراهن على كسر توازن الرعب المتبادل ؟
أسئلة ثلاثة أزعم أنها تعكس جوهر استراتيجيتها الآنية.
1 هل تريد إسرائيل جعل الطريق إلى سماء إيران سالكا ؟
تبدو إسرائيل مصممة على تحصيل “حرية الأجواء” بحيث تتحول الضربات الجوية داخل العمق الإيراني إلى فعل اعتيادي لا ينتظر له إذن أو توقيت خاص. ما كان يعد سابقا خرقا خطيرا.. يراد له اليوم أن يصير ممارسة روتينية…جزءا من قواعد اشتباك جديدة تعيد تعريف معنى السيادة الجوية في الشرق الأوسط…
2. هل تسعى لتقويض البنية التحتية النووية الإيرانية؟
الضربات الإسرائيلية المتكررة.. وإن لم تعلن دائما، تكشف عن نية مستمرة في تأخير..إن لم يكن تدمير.. أي إنجاز نووي حاسم لإيران. الهدف هنا ليس فقط تقنيا أو أمنيا…بل رمزيا كذلك:
هو إجهاض الطموح قبل أن يتحول إلى قدرة. وإذا تقرر أن تلتحق واشنطن.. فإن إسرائيل تكون قد قامت بعملية “تمهيد ناري”
تفتح الباب أمام عمل عسكري أوسع…
3. هل تريد كسر حاجز الخوف المتبادل؟
من أخطر ما تسعى إليه إسرائيل ربما، هو تفكيك ما تبقى من
“توازن الرعب” بينها وبين إيران. ذلك التوازن الذي صمد لعقود وإن بحده الأدنى…يبدو اليوم مهددا بسيناريو جديد: إسرائيل تحاول أن تظهر لنفسها، قبل خصومها، أنها قادرة على الفعل دون أن تتلقى رادعا نوعيا… إنها محاولة للعبور من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهيمنة النفسية والعسكرية…
رغم أن الردود الإيرانية لم تكن هينة.. بل غير مسبوقة في بعض تجلياتها، إلا أنها لم تصل إلى الحد الكفيل بتغيير الحسابات الإسرائيلية. وبالمقابل.. لا يكفي إيران أن تعتبر فشل الخصم في تحقيق أهدافه شكلا من أشكال الانتصار، لأن منطق الدولة يختلف عن منطق المقاومة. إيران مطالبة برد مزدوج: عسكري يحدث أثرا فارقا، ودبلوماسي يعيد ضبط التوازن الإقليمي…
يبقى السؤال الأعمق: إلى أين تسير المنطقة إذا استمر الطرفان في السعي إلى فرض مواقعهما لا عبر التفاهم بل عبر اختبار حدود الخوف؟
ثم أختم بأطروحة عميقة عند هيغل أن التاريخ لا يجيب بل ينتقم حيث يقول:
ما نتعلمه من التاريخ هو أننا لا نتعلم شيئا من التاريخ.
— هيغل (Georg Wilhelm Friedrich Hegel)
نيشان الآن