في عمق الأسواق الشعبية بمدينة مراكش، تتحرك شاحنات صغيرة محملة بأقفاص الدجاج في الساعات الأولى من كل الصباح، تتوزع على مختلف الأحياء دون أن تمر عبر سوق الجملة للدواجن كما ينص القانون. ظاهرةٌ أصبحت تتسع يوما بعد آخر، لتتحول إلى شبكة توزيع موازية تُدر أرباحا خفية وتُكبّد الجماعة الحضرية خسائر مالية مهمة.
وقد أكدت أحد بائعي الدجاج بالتقسيط بسوق الحي المحمدي –فضل عدم ذكر اسمه– أن معظم الموزعين الكبار لم يعودوا يمرون من سوق الجملة، مضيفا أن البيع المباشر يجنبهم أداء الرسوم والضرائب المفروضة، مما يجعل الأسعار أقل بالنسبة لهم، لكنهم في المقابل يضربون عرض الحائط بالقانون.
هذا السلوك، وفق مهنيين، يندرج ضمن التهرب الضريبي والجبائي، إذ أن سوق الجملة يعتبر الممر الإلزامي لكل عمليات البيع القانونية، وتحصّل الجماعة من خلاله رسوما تشكل موردا ثابتا في ميزانيتها.
وكشفت مصادر مهنية أن الرقابة على مسار تسويق الدواجن “ضعيفة جدا”، وأن العديد من الباعة بالتقسيط لا يتوفرون على وصلات الأداء التي تثبت اقتناءهم البضاعة من السوق القانوني.
وأضاف ذات المصدر أن “بعض الأسواق المحلية تحولت إلى فضاءات لترويج الدجاج القادم من خارج المدينة أو من مزارع غير مصرح بها، دون أي مراقبة بيطرية أو إدارية”.
فيما يدعوا عدد من الفاعلين المحليين إلى تدخل فوري من السلطات المعنية لشن حملات تفتيش ومراقبة موسعة تشمل جميع الأسواق بالمدينة، والتأكد من توفر الباعة على الوثائق القانونية التي تثبت مصدر بضاعتهم.
كما طالبوا بإعادة تنظيم سوق الجملة وتبسيط مساطر الأداء والتوزيع، لتشجيع المهنيين على الالتزام بالمسار القانوني بدل الانخراط في “السوق السوداء”.

