أكتوبر 1975.. اليوم الذي غيّر مسار التاريخ المغربي

في مثل هذا اليوم من سنة 1975، أعلن الملك الحسن الثاني من مدينة مراكش عن تنظيم المسيرة الخضراء، في خطاب تاريخي بث عبر القناة الوطنية، شكل نقطة تحول مفصلية في مسار القضية الوطنية، ورسخ مكانة المغرب في مواجهة الاستعمار الإسباني بالأقاليم الجنوبية.

جاء في الخطاب الملكي آنذاك:
“بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا… الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيا، واعترف العالم بأسره بأنها كانت لنا منذ قديم الزمن، وأن الروابط التي جمعتنا بها لم تنقطع إلا بفعل الاستعمار. لم يبق شعبي العزيز إلا شيء واحد، أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.”

جذور النزاع

تعود جذور أزمة الصحراء إلى ما قبل انسحاب إسبانيا منها، حيث طالب المغرب باسترجاع الإقليم باعتباره جزءا من أراضيه، في حين سعت موريتانيا إلى المطالبة بجزء منه، بينما دعت جبهة البوليساريو، التي تأسست سنة 1973، إلى إقامة دولة منفصلة في المنطقة.

وفي هذا السياق، تقدم المغرب في شتنبر 1974 بطلب رسمي إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي لإبداء رأي استشاري حول أحقية المملكة في الصحراء. وبعد جلسات استمرت لأزيد من شهر، أصدرت المحكمة في 16 أكتوبر 1975 قرارها الذي أكد وجود روابط تاريخية وروحية بين الصحراء والمغرب، وإن لم يمنحها صراحة السيادة القانونية على الإقليم.

المعارضة والمسيرة

أحدث الخطاب الملكي تغييرا عميقا في المشهد السياسي الداخلي، إذ تراجعت حدة المعارضة التي كانت تعيش مواجهة مفتوحة مع القصر، واتجهت نحو دعم القضية الوطنية.
فقد انخرطت الأحزاب الكبرى في الدفاع عن الموقف المغربي في المحافل الدولية، بينما اختارت بعض التنظيمات اليسارية الراديكالية، مثل منظمة “إلى الأمام”، معارضة الخطوة ووصفت المسيرة بأنها “حملة سياسية تهدف إلى الهيمنة على الصحراء”.

لكن الزخم الشعبي والسياسي للمسيرة كان أقوى، إذ نجح الحسن الثاني في توحيد المغاربة حول هدف واحد: استرجاع الأقاليم الجنوبية بالوسائل السلمية.

فجر المسيرة الخضراء

في الخامس من نونبر 1975، خاطب الملك المتطوعين قائلا:
“غدا إن شاء الله سنخترق الحدود، غدا ستنطلق المسيرة الخضراء، غدا ستطؤون طرفا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون ثرى من وطنكم العزيز.”

بعد يوم واحد فقط، انطلقت المسيرة الخضراء بمشاركة 350 ألف متطوع من مختلف جهات المملكة، رافعين المصحف والعلم الوطني، في ملحمة سلمية غير مسبوقة أكدت وحدة الشعب المغربي وإيمانه بعدالة قضيته.

وهكذا، سيبقى 16 أكتوبر 1975 يوما محفورا في الذاكرة الوطنية، باعتباره لحظة إجماع وطني حول رمزية الأرض وشرعية التاريخ، ومسارا أطلق صفحة جديدة في بناء المغرب الحديث.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد