الحكومة وصمت سامير: المغرب يدفع فاتورة صمت الحكومة ولعبة المحروقات

في المغرب، حين تُغلق مؤسسة وطنية استراتيجية، تتحول الصدمة الاقتصادية إلى كوميديا سوداء. مصفاة المحمدية “سامير”، التي كانت رمز الصناعة الوطنية، تحولت إلى مشهد حي للإهمال الرسمي، بينما الحكومة تنظر وكأن الأزمة حدثت في كوكب آخر.

منذ إغلاق المصفاة سنة 2015، تتكدس أرباح شركات المحروقات في جيوب اللوبيات، لتتجاوز 80 مليار درهم، بينما المواطن المغربي يتحمل الفارق الباهظ بين السعر الفعلي للبنزين والغازوال وسعر البيع في السوق. لتر الغازوال يُباع بفارق 2.4 درهم، ولتر البنزين بـ3.27 درهم إضافية، أي أن كل عملية تعبئة هي بمثابة ضريبة صامتة على جيوب الأسر، بينما الحكومة تغطّط وتكتفي بالصمت.

النقابات تحذر، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل توجّه رسائل نارية إلى رئيس الحكومة، لكن أخنوش، رجل الأعمال في عالم المحروقات، يواصل الاختفاء وراء جدار الصمت. لا مجلس منافسة يُصدر تقريره، ولا قرارات سياسية جريئة تُعيد الاعتبار للتكرير الوطني، ولا إرادة تُضع المواطن فوق مصالح اللوبي.

النتيجة؟ سوق يبدو حراً على الورق، لكنه في الواقع اقتصاد ريعي منظّم يخدم مصالح محددة، وينسج من احتكار النفط سلطة موازية للدولة. المواطنون يدفعون فاتورة هذه اللعبة، بينما الكفاءات الوطنية تتلاشى وتُستبدل بالاستيراد المكلف للنفط الخام.

سامير اليوم ليست مجرد مصفاة، بل مرآة للكفاءة الحكومية أو غيابها، رمز للتبعية الاقتصادية، ومختبر لصبر الشعب على صمت المسؤولين. استمرار الوضع على هذا الحال يعني أن المغرب لن يخرج من دائرة الاستهلاك المكلف والاعتماد على الخارج، وأن غضب الشارع سيبقى مؤججًا، من الساعات الطويلة أمام محطات الوقود إلى الانتظار الطويل أمام أي محاولة للتغيير الحقيقي.

في النهاية، إذا كان لأحد أن يختبر جدية الحكومة في حماية الأمن الطاقي للمواطن، فهو ملف سامير. فحين تُغلق مؤسسة بهذا الحجم، ويُترك المواطن تحت رحمة أسعار لا تعكس إلا جشع الاحتكار، يصبح الاقتصاد الوطني مسرحًا للسخرية السياسية، بينما الكوميديا الحقيقية هي صمت من يُفترض أن يحمي مصالح الدولة والشعب معًا.

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد